أعلنت شركة “آي بي إم ريسيرتش” عن نجاحها في إثبات القدرة على تخزين المعلومات ضمن ما لا يتجاوز 12 ذرة مغناطيسية، وجاء ذلك تتويجاً لأبحاث دامت 30 عاماً في مجال تقنية النانو. وهذا أقل بكثير من الأقراص الصلبة الحالية التي تحتاج إلى نحو مليون ذرة لتخزين “بت” واحد من المعلومات. ويمكن للقدرة على التلاعب بالمادة بواسطة أكثر مكوناتها الرئيسية، أي ذرةً بذرةً، أن تؤدي إلى فهم حيوي ضروري لصناعة أجهزة أصغر وأسرع وأكثر توفيراً للطاقة.
وفي الوقت الذي انخفضت فيه أسعار تقنية ترانزيستور السيليكون ليصبح أكثف وأكثر فاعلية، تفترض القيود الفيزيائية الأساسية بأن المضي في هذه الحجوم التقليدية أمر غير مستدام، ونحن بحاجة إلى مقاربات بديلة للاستمرار بخطى سريعة في الإبداعات الحاسوبية.
ومن خلال تناول مقاربة غير مسبوقة والبدء بأصغر وحدة لتخزين البيانات ألا وهي الذرة، قام العلماء بعرض وحدة تخزين مغنطيسية أكثف بمائة مرة على الأقل من الأقراص الصلبة ورقاقات الذاكرة الجامدة الحالية. ويمكن للتطبيقات المستقبلية لبنى النانو التي تستخدم ذرة واحدة في كل مرة، وتطبق بنية غير اعتيادية من المغنطيسية تدعى المغنطيسية المضادة للحديد، أن تسمح للأفراد والشركات بتخزين معلومات أكثر بمائة مرة في المساحة ذاتها.
وفي هذا السياق، قال أندرياس هاينريش، رئيس الباحثين في مجال التخزين الذري لدى “آي بي إم ريسيرتش” – ألمادن في كاليفورنيا: “سيستمر قطاع صناعة الرقاقات في سعيه نحو تطوير متزايد لتقنية أنصاف النواقل، إلا أنه ومع استمرار تناقص أحجام المكونات، فإن هذا السعي ماضٍ نحو نقطة النهاية المحتومة، ألا وهي الذرة. ونحن نقوم بمقاربة من الجهة المقابلة، إذ أننا نأخذ أصغر وحدة، وهي الذرة المفردة، ونستخدمها لصناعة الأجهزة الحاسوبية ذرة بذرة.
تجدر الإشارة إلى أنه تم نشر البحث في مجلة “ساينس” المتخصصة.
آلية العمل:
إن أكثر القطع الأساسية للمعلومات التي يفهمها الكمبيوتر هي البت. وتماماً كالمصباح الذي يمكن تشغيله وإطفاؤه، كذلك فإن البت يمتلك قيمة واحدة من أصل قيمتين هما “1″ و”0″. ولم يكن من المعلوم حتى الآن كم ذرة نحتاج لبناء وحدة ذاكرة “بت” مغنطيسية موثوقة.
وبامتلاكها خواصاً مشابهة لتلك التي تمتلكها المغنطيسات التي نضعها على البراد، فإن المغنطيسات الحديدية تستفيد من التفاعل المغنطيسي بين ذراتها الأساسية التي تنحاز بدورانها، والذي هو أصل مغنطيسية الذرة، في اتجاه واحد.
قامت المغنطيسات الحديدية بأداء دور جيد بالنسبة لتخزين البيانات، إلا أن إحدى العقبات الرئيسية أمام تصغير حجمها إلى أبعاد ذرية تتمثل في التفاعل بين البتات المتجاورة مع بعضها البعض. ويمكن لمغنطة بت مغنطيسي واحد أن تؤثر بقوة على جارتها نتيجة الحقل المغنطيسي الخاص بها. ويتطلب استخدام البتات المغنطيسية بمقاييس ذرية للاحتفاظ بالمعلومات أو أداء عمليات حاسوبية مفيدة، تحكماً دقيقاً بالتفاعلات الحاصلة بين البتات.
وقام العلماء في “آي بي إم ريسيرتش” باستخدام مجهر مسح نفقي “إست ي إم” لإجراء هندسة ذرية لمجموعة من 12 ذرة مغنطيسية مضادة للحديد موضوعة في أزواج، حيث تمكنت هذه المجموعة الذرية من تخزين بت من البيانات لساعات وذلك في درجات حرارة منخفضة. وبالاستفادة من اتجاهات الدوران المغنطيسية المتناوبة، فقد تمكنوا من إثبات القدرة على وضع بتات مغنطيسية متجاورة تفصل بينها مسافات أقل بكثير من تلك التي كانت ممكنة من ذي قبل، الأمر الذي زاد من الكثافة التخزينية المغنطيسية بشكل كبير جداً دون المساس بوضعية البتات المجاورة.
“آي بي إم” والريادة في تقنية النانو:
قامت “آي بي إم” عبر تاريخها الممتد على مدار 100 عام، بالاستثمار في البحث العلمي لرسم معالم مستقبل الحوسبة. ويبين إعلان اليوم النتائج التي حققها علماء الشركة الرواد عالمياً، كما يؤكد على استثمار الشركة المستمر وتركيزها على البحوث الاستكشافية.
ولقد كانت “آي بي إم ريسيرتش” لوقت طويل رائدة في دراسة خواص المواد الهامة لقطاع تكنولوجيا المعلومات. وقام علماؤها على مدى أكثر من خمسين عاماً بوضع أسس المعرفة العلمية التي تحمل أهمية لمستقبل تكنولوجيا المعلومات، كما سعوا لتحقيق الاكتشافات التي يمكن لها النهوض بالتقنيات الحالية.
البوابة العربية للاخبار التقنية